الأردن يستضيف ورشة عمل إقليمية لحماية وتقييم الأراضي الرطبة الساحلية في شبه الجزيرة العربية

مّان – 29 أيلول 2025

انطلقت في العاصمة عمّان، برعاية وزير البيئة الدكتور أيمن سليمان، أعمال الورشة الإقليمية لتقييم حالة الأراضي الرطبة الساحلية في شبه الجزيرة العربية، والتي تنظمها بيردلايف إنترناشونال – الشرق الأوسط بالشراكة مع الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، وبمشاركة ممثلين عن دول مجلس التعاون الخليجي واليمن والعراق والأردن، إضافة إلى منظمات دولية وإقليمية متخصصة في حماية البيئة. وتستمر فعاليات الورشة حتى 30 أيلول 2025.

في كلمته الافتتاحية، شدد الدكتور سليمان على أن الأراضي الرطبة الساحلية تمثل ثروة طبيعية وركيزة أساسية للتنوع البيولوجي ولمواجهة تحديات التغير المناخي، مبينًا أنها تشكل خط دفاع طبيعي يحد من تآكل الشواطئ ويخفف من آثار العواصف، فضلًا عن دورها في تنقية المياه، وتخزين الكربون، ودعم المصايد السمكية التي تمثل مصدر رزق لآلاف السكان. وأكد التزام الأردن بتنفيذ التزاماته الدولية في إطار اتفاقيات رامسار للأراضي الرطبة والأنواع المهاجرة (CMS) والطيور المائية الأفريقية الأوراسية (AEWA)، مشيرًا إلى أن حماية هذه النظم البيئية مسؤولية جماعية تتطلب تنسيقًا إقليميًا ودوليًا عاجلًا لوقف التدهور واستعادة المناطق المتأثرة.

وقال المدير الإقليمي لبيردلايف الشرق الأوسط إبراهيم خضر إن المبادرة تمثل استجابة إقليمية موحدة لتحدٍ بيئي مشترك، مؤكدًا أن الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية تعد عنصرًا محوريًا لتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأولويات الحماية البيئية، مع ضمان إشراك المجتمعات المحلية في صياغة الحلول المستدامة.

من جانبه، أكد مدير عام الجمعية الملكية لحماية الطبيعة فادي الناصر أن الورشة تمثل فرصة استراتيجية لتبادل الخبرات وصياغة خطة عمل إقليمية مشتركة، تراعي خصوصية كل دولة وتدعم استدامة هذه النظم البيئية الفريدة، مشددًا على التزام الجمعية بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال.

وفي السياق ذاته، أشار المدير الإقليمي للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة – مكتب غرب آسيا الدكتور هاني الشاعر إلى أن الأراضي الرطبة، خصوصًا الساحلية، تُعد من أكثر النظم البيئية إنتاجية وأهمية على مستوى العالم، إذ توفر موائل حيوية للطيور والأسماك، وتخزن الكربون الأزرق، وتساهم في الحماية من الكوارث الطبيعية، بقيمة اقتصادية واجتماعية تقدر بأكثر من 47.4 تريليون دولار سنويًا. واعتبر الشاعر أن انعقاد هذه الورشة يشكل خطوة محورية لتعزيز الفهم العلمي لواقع هذه الأراضي في شبه الجزيرة العربية وتطوير آليات تنسيق إقليمي فعّالة لحمايتها.

وتغطي الأراضي الرطبة الساحلية في شبه الجزيرة العربية مساحات واسعة تمتد عبر الأردن والسعودية واليمن وسلطنة عُمان والإمارات وقطر والبحرين والكويت والعراق، وتشمل المسطحات الطينية، وغابات القرم (المانغروف)، وحقول الأعشاب البحرية، والمستنقعات الملحية، والأراضي الرطبة الدلتاوية، ومصبات الأنهار، والشعاب المرجانية. وتدعم هذه النظم أكثر من 300 نوع من الطيور المهاجرة على طول مسارات الهجرة العالمية، لكنها تواجه تدهورًا متسارعًا نتيجة التوسع العمراني غير المنظم، والتلوث الصناعي، وتأثيرات التغير المناخي مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى انخفاض أعداد طيور الماء بأكثر من 80% في بعض المواقع.

وتأتي هذه الورشة في إطار مبادرة استراتيجية إقليمية أطلقتها بيردلايف إنترناشونال، وتهدف إلى تقييم شامل لحالة الأراضي الرطبة الساحلية، وتوثيق تنوعها البيولوجي، ورصد أبرز التهديدات التي تواجهها، تمهيدًا لإعداد خطط حماية واستعادة للمناطق الأكثر عرضة للخطر. ويشارك في المبادرة ممثلون عن اتفاقية الأنواع المهاجرة، والاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN)، والهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، والمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية، إلى جانب عروض وطنية من الدول المشاركة تستعرض الوضع البيئي القائم، والتحديات الراهنة، والفرص المتاحة لتعزيز صون واستدامة هذه النظم.

وتستند المبادرة إلى أحدث الدراسات العلمية والتقارير الدولية، من أبرزها تقرير “نظرة عالمية على الأراضي الرطبة” الصادر عن اتفاقية رامسار، ودراسات بيردلايف إنترناشونال حول المواقع الهامة للطيور والتنوع البيولوجي، إضافة إلى أبحاث وطنية وإقليمية حول المسطحات الطينية وغابات القرم والشعاب المرجانية. وتشير هذه الدراسات إلى أن اتخاذ إجراءات عاجلة من شأنه أن يوقف تدهور الأراضي الرطبة الساحلية ويعيد تأهيلها، بما يضمن استمرارها كمورد حيوي يحافظ على التوازن بين الإنسان والطبيعة ويدعم استدامة التنوع البيولوجي للأجيال القادمة


كيف تقيم محتوى الصفحة؟